IV – المقاومة المسلحة ودورها في مواجهة الاحتلال الأجنبي بالمغرب:
1 – مظاهر المقاومة المسلحة المغربية للاحتلال الفرنسي:
انطلقت ردود الفعل المغربية إزاء التدخل الفرنسي والإسباني بالمغرب بمجرد توقيع مهاهدة الحماية بفاس يوم 30 مارس 1912م على شكل تمرد عام الذي تحول إلى مقاومة مسلحة عمت جميع أنحاء البلاد الى غاية 1934م:
- قبائل الجنوب والصحراء: انطلقت المقاومة الجنوبية من الصحراء المغربية بزعامة أحمد الهيبة ابن الشيخ ماء العينين، وأخوه مربيه ربه، وتصدت هذه المقاومة للجيش الفرنسي في شمال مراكش، وبسبب اختلاف موازين القوة انهزم المغاربة في معركة سيدي بوعثمان يوم 06 شتنبر 1912م، وبعدها عاد المجاهدون لمواصلة المقاومة بالجنوب المغربي إلى غاية وفاة مربيه ربه سنة 1934م.
- قبائل الأطلس المتوسط: قاد موحا أوحمو الزياني قبائل زيان بخنيفرة بالأطلس المتوسط، واستطاعوا بفضل شجاعتهم وخططهم الحربية الانتصار الساحق على الفرنسيين، حيث قتل وأسر كبار قادة الجيش في معركة الهري يوم 13 نونبر 1913م.
- قبائل الأطلس الكبير والصغير: قاد المجاهد عسو أوبسلام قبائل آيت عطا بالأطلس الكبير، ورغم استعمال الجيش الفرنسي للطائرات والمدافع والقنابل، فإن المقاومين صمدوا في معركة بوغافر من 12 فبراير إلى 24 مارس 1933م، ولم يستسلموا إلا بعد أن استنفدوا أساحتهم، ومقابل شروط قدمها عسو اوبسلام للفرنسيين.
- قبائل جبالة والريف: تزعم محمد بن عبد الكريم الخطابي المقاومة المسلحة الريفية التي حققت نصرا كبيرا في معركة أنوال يوم 21 يوليوز 1921م ضد الاحتلال الاسباني بالشمال المغربي، وبعد هذه المعركة تحالفت إسبانيا مع فرنسا وشنتا حربا عسكرية استعملت فيها الغازات الكيماوية، فاستسلم محمد بن عبد الكريم الخطابي يوم 27 ماي 1926م. كما قاد أحمد أخريرو مقاومة قبائل جبالة بالشمال الغربي من المغرب ضد الاحتلال الإسباني إلى أن استشهد يوم 3 نونبر 1926م.
2 – مظاهر صمود المقاومة المسلحة واستماتتها في مواجهة الاحتلالين الفرنسي والاسباني:
تطلب احتلال المغرب عسكريا من طرف سلطات الحماية 22 سنة من العمل العسكري (من 1912م إلى 1934م)، وذلك بفضل قوة المقاومة المسلحة المغربية وحسن تنظيمها، رغم استعمالها لوسائل وأسلحة تقليدية بسيطة وأسلحة الغنائم العسكرية من المعارك كما هو الشأن في معركة الهري وأنوال مقارنة مع التفوق العسكري للمحتل، المكون من جيش نظامي مجهز بأسلحة متطورة نارية ودبابات وطائرات، إضافة إلى ارتفاع الروح القتالية للقبائل والتفافها حول زعماء المقاومة، وهو ما حاولت فرنسا ضربه بخلق التفرقة (سياسة فرق تسد) بين مكونات المجتمع المغربي من أمازيغ وعرب بإصدارها للظهير البربري سنة 1930م، إلا أن المغاربة أفشلوه وزاد من شعورهم الوطني المغربي، وبنهاية المقاومة المسلحة سنة 1934م دخلت المقاومة المغربية مرحلة المقاومة السياسة إلى جانب العمل المسلح بقيادة الأحزاب السياسة.
خاتمة:
تعرض المغرب للاستعمار بعد توقيع معاهدة الحماية، وشهدت البلاد مقاومة مسلحة استمرت إلى غاية 1934م، ووضع الاستعمار أجهزة إدارية لتسهيل عملية الاستغلال بالمغرب.